نوقشت في كلية القانون - جامعة تكريت رسالة ماجستير في القانون العام للطالب ( احمد خلف خضير التميمي) والموسومة ب ( الحماية الدستورية للحقوق المالية للمكلف في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ ) وذلك على قاعة الشهيد الدكتور ضامن العبيدي في مبنى الكلية صباح يوم الخميس الموافق 18-4-2024
وكان مستخلصها (ان الضرائب هي اقتطاع نقدي جبري نهائي يتحمله المكلف لغرض تمويل الخزانة العامة بالموارد المالية لغرض تمكين الدول من تحقيق اهدافها المختلفة, وان السلطة المالية تبحث عن الموارد المالية الكبيرة لغرض تمويل مرافقها العامة في ظل دورها المتزايد للتدخل في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية, بعد ان كانت راعية لهذه المجالات مقتصرة على المرافق السيادية دون الولوج في غيرها, إذا نفقات الدول في تزايد واسهل طرق لتمويلها الضرائب وذلك لمجانية دفعها من قبل المكلف أي دون مقابل, لذلك وبعد الافراط في فرض الضراب في ظل الانظمة المطلقة للحكم, وما صاحب ذلك من ثورات على هذه الانظمة وغضب الشعب, بدأ المشرع الدستوري على تحصين املاك المكلف من فرط السلطة في فرض الضراب لذلك بدأت الدساتير تضمن نصوصها مبادي دستورية توفر الحمية الكاملة للحقوق المالية للمكلف الضريبي, ومن هذه الدساتير ذهب المشرع العراقي في دستور 2005 النافذ الى تضمينه من المبادي العامة والخاصة لحمية الحقوق المالية للمكلف من الضراب, إذ جاء في الدستور جملة من المبادي العامة التي توفر الحمية الكاملة للحقوق والحريات بصورة عامه ومن ضمن هذه الحقوق, ما يتعلق بالحقوق المالية, ولم يكتفي المشرع الدستوري بالمبادي العامة وانما وضع جملة من المبادي الضريبية الخاصة بحمية المكلف الضريبي تنص صراحة على حمية المكلف الضريبي وحقوقه من تعسف السلطة المالية تجاه حقوقه)
وقد توصل الباحث من خلال الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات منها : ان الاصل الذي وضعت من أجله الوثيقة الدستورية الاسمى في البلد, هو تنظيم العلاقة بين السلطة والحقوق والحريات في الدول, لذلك فأن هذه القواعد الدستورية عملت على صيانة الحقوق والحريات بالنسبة للافراد بصورة عامه وترصين السلطة ووضع الحدود المرسومة للطرفين ولا يجوز لأحدهما التجاوز على الاخر, ومن ضمن ابرز الحقوق التي صانها المشرع الدستوري عندما وضع الدستور هي الحقوق المالية للاشخاص, ونص على عدم التجاوز عليها او الانتقاص منها الا ضمن الحدود الدستورية الموثقة في صلب الوثيقة الدستورية, والزم السلطة على وجوب مراعاة هذه الحقوق وصيانتها والمحافظة عليها, واصبحت هذه الحمية راسخة في العقيدة القانونية، ابرز المبادي الدستورية التي نصت على الحمية الدستورية للحقوق المالية سواء كانت مباديء عامه او مباديء خاصة بالحمية للحقوق المالية للمكلف الضريبي, أي ان هناك حمية عامه للمكلف الضريبي تستقى من المبادي الدستورية العامة, أي ان المشرع لم يخصصها لحمية المكلف الضريبي مباشرة وانما تنطبق احكامها على حمية الحقوق المالية للمكلف الضريبي, كما ان هناك حمية خاصة للحقوق المالية للمكلف الضريبي نص عليها المشرع بصورة مباشرة على انها تحمي الحقوق المالية للمكلف الضريبي، احد ابرز المبادي الدستورية المهمة التي وفرت الحمية الدستورية الكاملة للمكلف الضريبي هو مبدأ المساواة امام القانون, إذ نستنتج من هذا المبدأ الدستوري المهم ان جميع المكلفين بالالتزام الضريبي تنطبق عليهم ذات القواعد القانونية, أي لا يجوز التمييز بينهم على اساس مركزهم الاجتماعي, وانما تنطبق عليهم ذات الاحكام اذا توافرت فيهم ذات الشروط, وان التمييز يتم بينهم اذا ما كان هناك اختلاف في مراكزهم القانونية من مقدار ما يمتلكونه من اموال خاضعة للضريبة, وكذلك كلما زاد مقدار هذه الاموال زادت الضريبة المفروضة عليهم, وهذا ما يشكل الجوهر الاساس الذي يستند اليه هذا المبدأ من خلال توفير الحمية الدستورية للحقوق المالية وعدم التجاوز عليها من خلال تطبيق القوانين الضريبية على الجميع دون تمييز، ان الحمية الدستورية للحقوق المالية لا تقتصر على حمايتها من الاستقطاع المباشر من هذه الحقوق بموجب القوانين الضريبية, وانما تتعداها الى توفير الحمية الشخصية لها من خلال حمية حق الخصوصية لتملك هذه الحقوق المالية, إذ يندرج ضمن مفهوم حق الخصوصية الشخصية الدستوري, حق الخصوصية بالنسبة للحقوق المالية للمكلف الضريبي, إذ الزم المشرع كل من علم بمقدار هذه الحقوق المالية ونوعيتها من افشاء اسرارها الى الغير سواء علم بها بحكم وظيفته او غير ذلك, وان الالتجاء الى هذه المبدأ الدستوري هو لغرض صيانة الحقوق المالية للمكلف الضريبي وعدم تمكين المنافسين له من التعرف على حقوقه المالية ومقدار ما يمتلك، ركز المشرع الدستوري على حمية الحقوق المالية للمكلف الضريبي من خلال منح الاختصاص في عملية الفرض الضريبي الى السلطة التشريعية ممثلة الشعب, وابعاد السلطة التنفيذية من التدخل في هذه العملية من فرض الضريبة الى جبايتها, وهذا ما يشكل الركيزة الاساسية للحمية الدستورية للحقوق المالية للمكلف الضريبي, وذلك لان السلطة التشريعية هي الاقدر والاعلم بحال قاعدتهم الجماهيرية وظروفهم الاقتصادية ومقدار تحملهم للعبء الضريبي, وايضا ان تفرض الضراب بصورة واضحة وصريحة وفق نصوص لا تحتمل التأويل لتجنب التناقض في الاختصاص الضريبي، ان الضراب قائمة على استقطاع نقدي من اموال المكلف ولا يرجع له شيء منها بعد دفعها لذلك يشترط فيها الوضوح واليقين, لذلك فأن عملية الفرض الضريبي ولكي تنسجم ودستور الضراب ينبغي ان تفرض على المستقبل بالنسبة لتصرفات المكلف القانونية الخاضعة للضراب, لذلك لا يمكن ان تفرض الضراب بالنسبة لتصرفات المكلف الماضية, أي التي مضت عليها فترة زمنية, أي ان القانون الضريبي لا يمكن ان ترجع قواعده الى الماضي, على الرغم من ان المشرع الدستوري العراقي في دستور جمهورية العراق لعام 2005 قد منع القوانين من الرجوع الى الماضي الا ما استثني منها بنص خاص ولا يشمل هذا الاستثناء قوانين الضراب, أي ان الحمية التي وفرها المشرع للمكلف هي حمية امواله التي تحصل عليها في الماضي من الخضوع لضراب جديدة، لم يكتفي المشرع الدستوري بتوفير الحمية للمكلف الضريبي وحقوقه المالية من الفرض والاستقطاع, وانما ركز على حمية المعيشة وتوفير العيش الكريم للافراد, وبالتالي منع فرض الضراب اذا كانت تمس هذا الحد, أي وصولها الى معيشة الانسان, والزم السلطة بتوفير العيش الكريم لعموم افراد الشعب العراقي, اذ نص المشرع الدستوري على الاعفاء الشامل لاصحاب الدخول المنخفضة بما يكفل عدم المساس بالحد الادنى للمعيشة، حاول المشرع الدستوري في العديد من النصوص الى الحمية الكاملة للحقوق المالية للمكلف الضريبي, ومجسداً مباديء الضريبة العامة المتمثلة بمبدأ العدالة الضريبية, وايضاً مباديء اليقين والملائمة, وجعلها المصدر الذي استقى منه المشرع الدستوري الاحكام المتعلقة بتوفير الحمية الكاملة للمكلف الضريبي، ان التطبيق العملي للمبادي الدستورية الخاصة بالحمية للحقوق المالية للمكلف الضريبي يتم من خلال القوانين العادية, إذ ان هذه القوانين التي تصدر من السلطة التشريعية ستجسد هذه المبادي, وان ابرز القواعد التي جاءت بها القوانين العادية هي جسدت مبدأ الحمية الدستورية للحقوق المالية للمكلف الضريبي, وعدم الاعتداء عليها من قبل السلطة من خلال عدم تطبيق المبادي الدستورية، تتحقق الموازنة بين الحقوق المالية للمكلف الضريبي والسلطة المالية من خلال التطبيق السليم لاحكام القوانين الضريبية, أي ان الضراب لا تفرض الا بقانون, كما انه عندما تفرض بقانون يلتزك المكلف بتسديد ما فرض عليه في المواعيد المحددة بالقوانين العادية.وان الوسيلة التي تتحقق بها هذه الموازنة, هي ان في حالة الاختلاف في المصالح يتم اللجوء الى السلطة القضائية بمختلف درجاتها وانواعها لغرض حسم النزاع القائم بصدد الحقوق المالية لطرفي الالتزام الضريبي، ان الجهة القضائية المختصة للفصل في النزاع القائم بين الحقوق المالية المنصوص عليها في الدستور وكذلك تصرفات السلطة المالية, يكون من اختصاص القضاء الدستوري المختص بمبدأ المشروعية, أي اذا ما تمت مخالفة المبادي الدستورية فالقضاء الدستوري ممثلاً بالمحكمة الاتحادية العليا هو الفيصل, اما اذا كانت قضية النزاع متعلقة بقضايا فنية متعلقة بالضريبة فالاختصاص اما يكون للقضاء العادي او الاداري حسب مقتضى الاحوال وما نص عليه المشرع في القانون.
كما توصل الباحث ايضاً الى مجموعة من التوصيات منها : نوصي مشرعنا الدستوري بيان المنهج الفلسفي الاقتصادي واتباع الفكر الرأسمالي لانه يركز على الحمية الكاملة لحقوق المكلف الخاصة, وان مسايرة هذا النهج سنعكس ايجاباً على الحقوق المالية للمكلف الضريبي، ندعو مشرعنا العراقي الى اكمال اصدار القوانين المحالة بموجب النصوص الدستورية الى تنظيم القضايا المتعلقة بالشؤون الضريبية لان النصوص الدستورية صممت بالاساس لحمية المكلف الضريبي وحقوقه المالية, وضمان عدم التجاوز عليها من قبل السلطة، نوصي مشرعنا العراقي الى تعديل اغلب النصوص القانونية الضريبية النافذة في قوانين الضرائب المشرعة قبل صدور دستور جمهورية العراق النافذ لعام 2005, وجعلها تتلائم مع المبادي الدستورية الحامية لحقوق المكلف المالية, وذلك لان بقاء هذه النصوص سيعرضها لمخالفة مبدأ المشروعية الامر الذي يعرضها للبطلان، نوصي مشرعنا العراقي ان يبادر الى تشريع قانون عدم الفرض الضريبي لضمان مستوى لائق للمعيشة, وعدم جعل الضراب وسيلة تنكد عيش الانسان, وتستقطع جزء كبير من امواله يمكن ان يستعملها المكلف في سبيل تمشية امور حياته اليومية, وامو معيشة عائلته التي يعينها, على الرغم من كثرة الاعفاءات الكلية والجزئية من دفع الضريبة الا ان اصدار مثل هذا القانون سيوفر الحمية الكاملة لحقوق المكلف المالية، ندعو مشرعنا الدستوري الى اعادة النظر في نص المادة (28) اولاً من دستور جمهورية العراق, وذلك لازالة المشاكل القانونية والقضائية التي اثيرت بصددها, من حيث تحديد الجهة التشريعية المختصة بعملية الفرض الضريبي, وتناقض الاختصاص التشريعي وتضارب الاحكام القضائية بين القضاء الدستوري والاداري على الرغم من استقراره بالفترة الاخيرة على منح الاختصاص للسلطات التشريعية والمركزية صلاحية الفرض, الا اننا نوصي بأن تبقى الصلاحية حصرية للسلطة المركزية من خلال اضافة (الا بقانون اتحادي) الى نص المادة 28 اولاً, لان حصرية الجهة المختصة سيوفر الحمية الدستورية الكاملة للحقوق المالية للمكلف الضريبي، ندعو مشرعنا العراقي ان يحدد الجهة القضائية المختصة بالنظر في قضايا الضريبة, وان يفض التنازع الايجابي بين القضاء الاداري والعادي والمتخصص من خلال تحديد الجهة المختصة بقضايا الضريبة, لان ذلك سيوفر الحمية الكاملة لحقوق المكلف المالية ويرصن هذه الحمية من خلال القضاء، نوصي مشرعنا العراقي ان يجعل الاختصاص الضريبي للقضاء الاداري وذلك لسرعة الفصل في القضايا, وايضا نبعده عن الاجراءات الشكلية في القضاء العادي وعن تبعية القضاء المتخصص للادارة الضريبية من خلال اعضائها، ندعو مشرعنا العراقي ان يعيد النظر في مسالة الاعفاءات الضريبية الكلية والجزئية بما يضمن تحديث هذه الاعفاءات, حتى تشمل اكبر قدر من المكلفين مما يعزز لهم الحمية القانونية التي جسدها المشرع في الدستور.
وقد تألفت لجنة المناقشة كل من السادة :
1- أ.د. هشام جميل كمال / استاذ في القانون الدستوري / جامعة تكريت - كلية القانون / رئيساً
2- أ.د. احمد فارس عبد / استاذ في القانون المالي / جامعة تكريت - كلية القانون / عضواً
3- أ.م.د. ظافر احمد منديل / استاذ مساعد في القانون الدستوري / جامعة تكريت - كلية الاداب / عضواً
4-أ.م.د. شيماء فارس محمد/ استاذ في القانون المالي / جامعة تكريت - كلية القانون / عضواً ومشرفاً
وبعد اجراء المناقشة من قبل اللجنة قررت قبول الرسالة والتوصية بمنح الشهادة بعد إجراء التعديلات عليها.